الحمد لله رب العالمين ، خلق فسوى وقدر فهدى ، ورزقنا من حيث لم نحتسب
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الامين ، ناصح الامة وكاشف الغمة
وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، الذين ضحوا بالغالي والنفيس من اجل ان يصلنا
دين الله عز وجل سهلا يسيرا ، فاللهم ارحمهم واغفر لهم اجمعين ، والحقنا بهم
تائبين عابدين موحدين منكسري لملكوتك العظيم، امين يا رب العالمين .
اعضاء وزوار منتدانا الغالي الحديث والسيرة النبوية
اهلا بكم واسعد الله اوقاتكم بالخير
الأولاد بين الاهتمام والإهمال
الولد مِنَّة من الله - عز وجل - يهبها لمن يشاء من خلقه؛ من أجل التكاثر وبناء صرح أمة الإسلام لبنة لبنة بواسطة الأسرة التي تعتبر المحضن الطبيعي للأولاد.
مما لاشك فيه أن قلوبنا تخفق بالمحبة لأبنائنا وفلذات أكبادنا، ونتمنى من أعماق قلوبنا أن نراهم في أحسن الأحوال في الخلق والدين، وتربية الأبناء وتعهدهم ورعايتهم من المسؤوليات الهامـة والضرورية في ظل المتغيرات الحالية، والقيام بها من أولى هذه المسؤوليات التي اهتم بها الإسلام، وألقاها على الوالدين بالدرجة الأولى والمجتمع بما فيه من مكونات ومناهج دراسية وتربوية، ومؤسسات إيمانية، وتعليمية، وإعلامية، وغيرها، وما لها من منافع مشتركة بين الآباء والأبناء، وكيف أن الأبناء يتأثرون بالآباء والأمهات، ويحملون الكثير من صفاتهم وسلوكياتهم، قال - سبحانه وتعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال: 27].
وتربية الأبناء وتعهدهم هي الخطوة الرئيسة والتحدي الهام الذي يتوقف عليه مستقبل الأمة المسلمة، وخاصة في زمن كثرت فيه المغريات، وظهرت فيه التيارات، وانتشرت فيه الرذيلة، والفساد، وانحرف بعضهم عن جادة الطريق بالآثام والمعاصي وغيرها، يُساعد في ذلك قوى الظلم والطغيان بما يملكون من قوة مدمرة، وتحولات تقنية متسارعة ومذهلة، ونفوذ على الأرض، كل ذلك لغزو الأمة المسلمة فكرياً وثقافياً ونفسياً وعلمياً وصحياً، وفرض تحديات واقعية على شبابها، لجعلهم في اضطراب دائم، ليس لهم نهج أو خطة أو هدف، أوضاعهم الصحية والمعنوية والنفسية في تدهور مستمر، لا يتمكنون من عمارة الأرض والقيام بأمانة الاستخلاف والعبادة، "فلا يقيمون وزناً للدار الآخرة والإيمان بالله في أمور الحياة الدنيا التربوية والاقتصادية، والسياسية والاجتماعية، وفق خُطَّة مدروسة ونهج محدّد وأهداف واضحة لديها" .
وقد أدرك ذلك الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - وتلاميذ مدرسة النبوة منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، فكانوا عيوناً ساهرة تراقب الأبناء قبل أن تعصف بهم ريح الشيطان إلى مهاوي الردى، ومزالق الانحراف وطرق الضلال، فعملوا على بنائهم، انطلاقاًً من المسجد منارة العلم والنور والتربية والتوجيه والبناء والتعهد، إدراكاً منهم أن الأمة لا يمكن أن تنهض إلاّ برجالٍ أخلصوا النية لله، واجتهدوا في بناء فلذات أكبادهم وتربيتهم التربية الإيمانية الصالحة لكل الأزمان والعصور، فكانت النتيجة أنهم استطاعوا تغيير المجتمع الجاهلي والمتخلف الظالم إلى مجتمع متقدم متعلم يسـوده العدل والرحمة والإحسان، والمحبة والمساواة، متخلصاً من العصبيات الجاهلية التي كانت تعصف بالمجتمع. ومن الأهمية بمكان إدراك أن مهمة التوجيه والإرشاد وتربية الأبناء مهمة شاقة، ومن أعظم المهام التي يقوم بها الإنسان المسلم في حياته الدنيا، للخروج من الذل والهوان والإحباط الذي تعيشه الأمة المسلمة إلى القوة والعزة والمنعة، لنيل رضا الله والأجر العظيم، ولكي يتمكن الوالدان من رسم معالم الطريق لأبنائهم، بتربية صالحة، وسعادة في الدارين.
ونحن جميعاً مسؤولون أمام الله بواجب الرعاية، والتعهد، والبناء، التي أمرنا الله بها، وهل تمت مراقبة الأبناء وتوجيههم بالإشراف الدقيق عليهم، وبذل كل الوسائل الإيمانية والتربوية لتنشئتهم على الإيمان والخُلق والفضيلة؟!